لم يكتفِ المنتخب الياباني وعشاقه بخطف الأضواء عبر الفوز التاريخي على ألمانيا فحسب، بل قدموا للعالم درسًا حضاريًا لا يقل روعة عن أدائهم الفني في المستطيل الأخضر. ففي الوقت الذي لا تزال فيه أصداء تلك “الريمونتادا” المدوية تتردد، تتجه الأنظار الآن صوب المعسكر الألماني الذي يبدو أنه يبحث عن دماء جديدة لتفادي سيناريوهات مشابهة مستقبلاً، حيث برز صوت الأسطورة مايكل بالاك مطالبًا بضم موهبة صاعدة قد تكون الحل لمشاكل “المانشافت” الهجومية.
رقي الساموراي.. نظافة وتواضع
أبهرت الجماهير اليابانية العالم بسلوكها الراقي في المدرجات، حيث انتشرت صور المشجعين وهم ينظفون أماكنهم عقب المباريات في مشهد أثار إعجاب الجميع وتصدر عناوين الأخبار. ولم يتوقف الأمر عند الجمهور، فقد أشاد الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) بسلوك لاعبي المنتخب الياباني، ناشرًا تغريدة مرفقة بصورة من داخل غرفة ملابس الفريق في استاد خليفة الدولي، تظهر الغرفة في قمة الترتيب والنظافة بعد احتفالات اللاعبين الصاخبة بالفوز، مما يعكس ثقافة الانضباط المتجذرة لدى “أحفاد الساموراي”.
ليلة سقوط الألمان
بالعودة إلى تفاصيل تلك المواجهة الدرامية، فقد عاش المنتخب الألماني سيناريو صادمًا قلب الموازين. بدأ “الماكينات” المباراة بضغط متواصل أسفر عن هدف التقدم عبر ركلة جزاء نفذها بهدوء إلكاي غوندوغان، نجم مانشستر سيتي، في الدقيقة 33 بعد خطأ من الحارس الياباني. ورغم السيطرة الألمانية الظاهرة، صمد الدفاع الياباني ببراعة حتى ربع الساعة الأخير، ليقلب الطاولة رأسًا على عقب. والمفارقة أن الضربة القاضية جاءت بأقدام “ألمانية الهوى”، حيث سجل المحترفان في الدوري الألماني ريتسو دوان (فرايبورغ) وتاكوما أسانو (بوخوم) هدفين قاتلين في الدقيقتين 75 و83، معززين بذلك مسلسل المفاجآت في المونديال، خاصة بعد فوز السعودية التاريخي على الأرجنتين.
بالاك يراهن على “الجوهرة الشابة”
وفي سياق مساعي الكرة الألمانية لتجاوز عثراتها وتجديد الدماء، برز اسم الشاب لينارت كارل، موهبة بايرن ميونخ البالغ من العمر 17 عامًا، كأحد الحلول المطروحة بقوة. فقد أثار هذا اللاعب الناشئ ضجة واسعة في الأشهر الستة الماضية بفضل مهاراته الفردية العالية وقدرته الفائقة على المراوغة والتسجيل، حيث نجح في هز الشباك ست مرات وصنع هدفين خلال 881 دقيقة لعب، مما جعله محط أنظار الجميع.
ضغوط لضم كارل لقائمة ناغلسمان
يقود أسطورة الكرة الألمانية مايكل بالاك حملة ضغط قوية لإدراج كارل ضمن قائمة المنتخب الأول تحت قيادة المدرب جوليان ناغلسمان، خاصة في ظل المعاناة الواضحة للمنتخب في مركز الجناح. ويرى قطاع عريض من جماهير بايرن والمنتخب الألماني أن الوقت قد حان لمنح الفرصة لهذا الشاب الذي تألق مع منتخبات الشباب ولكنه لا يزال ينتظر استدعاءه الدولي الأول للكبار.
ورغم أن البعض قد يفسر حماس بالاك بكونه وكيل أعمال اللاعب، إلا أن الأرقام والموهبة التي يمتلكها كارل تفرض نفسها على أرض الواقع. وقد علق بالاك على ذلك قائلاً بنبرة واثقة: “أعتقد أنه إذا كنت تقدم أداءً بهذا المستوى في مثل هذه السن الصغيرة، فأنت تمتلك الجودة بلا شك.. هذا أمر لا جدال فيه”. ويبدو أن مسألة انضمام ابن مدينة “فرامرزباخ” للمنتخب الألماني باتت مسألة وقت لا أكثر، في انتظار قرار جريء من ناغلسمان قد يغير شكل الهجوم الألماني.